الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَنَسْتَحِبُّ إذَا أَكْمَلَ التَّشَهُّدَ فِي كِلْتَا الْجِلْسَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولَ: " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ " حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عن ابْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الَّذِي أَرَى النِّدَاءَ لِلصَّلاَةِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، حدثنا رَوْحٌ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ أَنَا أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ " أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وبه إلى مُسْلِمٍ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: أَلاَ أُهْدِي لَك هَدِيَّةً خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. قَالَ عَلِيٌّ: جَمَعَنَا قَبْلَ جَمِيعِ أَلْفَاظِهِ عليه السلام فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ. وَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُصَلِّي عَلَى بَعْضِ مَا فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْلاً كَرِهْنَا ذَلِكَ، وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ إلاَّ أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَقُولَ مَا فِي خَبَرٍ مِنْ هَذِهِ الأَخْبَارِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي دَهْرِهِ، لاَِمْرِهِ عليه السلام بِأَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وقال الشافعي: مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاَتِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ، وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ فَرْضٌ. قَالَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمِرْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ وَأَنْ نُسَلِّمَ، فأما السَّلاَمُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَعَلَّمَهُمْ عليه السلام بَعْضَ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ " وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَا: أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لَهُمْ: وَالسَّلاَمُ كَمَا عَلِمْتُمْ قَالُوا: فَالصَّلاَةُ فَرْضٌ حَيْثُ السَّلاَمُ قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّ الصَّلاَةَ حَيْثُ يَكُونُ السَّلاَمُ: لَكَانَ مَا قَالُوهُ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقُلْهُ عليه السلام، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ نَحْكُمَ بِمَا لَمْ يَقُلْ عليه السلام، فَيَكُونَ فَاعِلُ ذَلِكَ يُقَنِّت لَهُ عليه السلام مَا لَمْ يَقُلْ، وَشَارِعًا مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ عَلِيٌّ: وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ: إنَّ الصِّيَامَ فَرْضٌ فِي الاِعْتِكَافِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الاِعْتِكَافَ مَعَ ذِكْرِهِ لِلصَّوْمِ: أَنْ يَجْعَلَ الصَّلاَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ صَلاَةٍ فَرْضًا، لاَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ مَعَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ: حَدِيثَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجَّلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ثُمَّ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ رَجُلاً يُصَلِّي فَمَجَّدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اُدْعُ تُجَبْ، وَسَلْ تُعْطَ. قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ فِي هَذَا إيجَابُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا قَالَ لَهُ " عَجَّلْت " فَلَيْسَ مَنْ عَجَّلَ فِي صَلاَتِهِ بِمُبْطِلٍ لَهَا، بَلْ كَانَ يَقُولُ لَهُ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ، لَكِنْ فِي هَذَا الْخَبَرِ اسْتِحْبَابُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا فَقَطْ فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ: بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقَالَ عليه السلام: آمِينَ. قال علي: هذا خَبَرٌ لاَ يَصِحُّ؛ لاَِنَّ رَاوِيَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَقَدْ غَمَزَ غَمْزًا شَدِيدًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلاَلٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ مُضْطَرِبٌ فِي اسْمِهِ غَيْرُ مَشْهُورِ الْحَالِ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ فِيهِ إيجَابُ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا مَتَى ذُكِرَ فِي صَلاَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخْصِيصُ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلاَةِ بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، وَأَبِي أُسَيْدَ. قال علي: هذا لاَزِمٌ لِمَنْ رَأَى تَقْلِيدَ الصَّاحِبِ، لاَ لَنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَالْقُنُوتُ فِعْلٌ حَسَنٌ، بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ صَلاَةِ فَرْضٍ الصُّبْحِ وَغَيْرِ الصُّبْحِ، وَفِي الْوِتْرِ، فَمَنْ تَرَكَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ " رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ " " اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت، إنَّك تَقْضِي، وَلاَ يُقْضَى عَلَيْك، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت " وَيَدْعُو لِمَنْ شَاءَ، وَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ إنْ أَحَبَّ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ بِذَلِكَ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَاَلَّذِي ذَكَرْنَا حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ قَالاَ: حدثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ. حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " وَاَللَّهِ إنِّي لاََقْرَبُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الظُّهْرِ، وَصَلاَةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ وَصَلاَةِ الصُّبْحِ، بَعْدَمَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الْكُفَّارَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَابُلِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يُصَلِّي صَلاَةً إلاَّ قَنَتَ فِيهَا. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ سُئِلَ: هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا كُلُّهُ نَصُّ قَوْلِنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فإن قيل: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْقُنُوتِ: أَقْبَلَ الرُّكُوعِ أَمْ بَعْدَهُ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ. قلنا: إنَّمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَنَسٌ عَنْ أُمَرَاءِ عَصْرِهِ، لاَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سُئِلَ عَنْ بَعْضِ أُمُورِ الْحَجِّ فَأَخْبَرَ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُك وَهَذَا مِنْ أَنَسٍ: إمَّا تَقِيَّةٌ، وَأَمَّا رَأْيٌ مِنْهُ، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا عَمَّنْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: حدثنا الْعَوَّامُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْت أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ فَقَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقُلْت: عَمَّنْ قَالَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ وَرَوَى أَيْضًا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَقَدْ شَاهَدَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَنَتَ فِي الْمَغْرِبِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فَدَعَا عَلَى أُنَاسٍ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عن ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصَّلاَةِ وَرُوِّينَا أَيْضًا عن ابْنِ عَبَّاسٍ: الْقُنُوتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَهَؤُلاَءِ أَئِمَّةُ الْهُدَى، أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَمُعَاوِيَةُ، وَمَعَهُمْ أُبَيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الْقُنُوتِ. كَمَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَخَلْفَ عُمَرَ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَخَلْفَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتْ، وَخَلْفَ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْنُتْ، يَا بُنَيَّ إنَّهَا بِدْعَةٌ وَعَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ قَالاَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ زَمَانًا فَلَمْ يَقْنُتْ وَعَنْ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لاَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الْغَدَاةِ وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ فَقَالَ: مَا شَعَرْت أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ وَرُوِّينَا عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ لَمْ يَقْنُتْ وَعَنْ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عن ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: قَالَ سَأَلْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: هَلْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ قَالَ: لاَ، إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ النَّاسُ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مِنْ أَيْنَ أَخَذَ النَّاسُ الْقُنُوتَ وَيَعْجَبُ: إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامًا ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ، وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ: لاَ يَرَيَانِ الْقُنُوتَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى أَهْلُ مَسْجِدَيْهِمَا بِقُرْطُبَةَ إلَى الآنَ. قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهم،: بِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْنُتُوا فَلاَ حُجَّةَ فِي ذَلِكَ النَّهْيِ عَنْ الْقُنُوتِ، لاَِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ جَمِيعِهِمْ أَنَّهُمْ قَنَتُوا، وَكُلُّ ذَلِكَ صَحِيحٌ، قَنَتُوا وَتَرَكُوا، فَكِلاَ الأَمْرَيْنِ مُبَاحٌ، وَالْقُنُوتُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَفِعْلُهُ حَسَنٌ، وَتَرْكُهُ مُبَاحٌ، وَلَيْسَ فَرْضًا، وَلَكِنَّهُ فَضْلٌ. وَأَمَّا قَوْلُ وَالِدِ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ: إنَّهُ بِدْعَةٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَمَنْ عَرَفَهُ أَثْبَتُ فِيهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَالْحُجَّةُ فِيمَنْ عَلِمَ، لاَ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ كُرْهُهُ، وَلاَ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ، وَإِنَّمَا جَاءَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ فَقَطْ، وَهَذَا مُبَاحٌ، وَقَدْ قَنَتَ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَلَمْ يَعْرِفْهُ كَمَا لَمْ يَعْرِفْ الْمَسْحَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِحٍ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ عَرَفَهُ وَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَجَهِلَ الْقُنُوتَ وَرَآهُ مَنْسُوخًا، كَمَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ نَفْسِهَا: أَنَّ كَوْنَ زَكَاةِ الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ: تَبِيعٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ: مُسِنَّةٌ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ زَكَاتَهَا كَزَكَاةِ الإِبِلِ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي نَسْخِ الْقُنُوتِ حُجَّةً، فَهُوَ حُجَّةٌ فِي نَسْخِ زَكَاةِ الْبَقَرِ فِي ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ حُجَّةٌ فَلَيْسَ هُوَ هَهُنَا حُجَّةً وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ ثُمَّ سَهُلَ عَلَيْهِمْ هَهُنَا خِلاَفَ ابْنِ عُمَرَ، وَخِلاَفَ سَالِمٍ ابْنِهِ، وَخِلاَفَ الزُّهْرِيِّ، وَهُمَا عَالِمَا أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ فِي تَرْكِ الْقُنُوتِ بِقَوْلِ سَالِمٍ: أَحْدَثَهُ النَّاسُ، وَهُوَ يَرَى حُجَّةَ قَوْلِ الْقَائِلِ: فَعَدَلَ النَّاسُ مُدَّيْنِ مِنْ بُرٍّ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا كُلُّهُ تَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ وَقَالُوا: لَوْ كَانَ الْقُنُوتُ سُنَّةً مَا خَفِيَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلاَ عن ابْنِ عُمَرَ . فَقُلْنَا: قَدْ خَفِيَ وَضْعُ الأَيْدِي عَلَى الرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَثَبَتَ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّطْبِيقِ إلَى أَنْ مَاتَ، وَخَفِيَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَمْ يَرَوْا ذَلِكَ حُجَّةً، فَمَا بَالُ خَفَاءِ الْقُنُوتِ عَنْهُمَا صَارَ حُجَّةً إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَتَلاَعُبٌ بِالدِّينِ، مَعَ أَنَّ الْقُنُوتَ مُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى، لاَِنَّهُ سُكُوتٌ مُتَّصِلٌ بِالْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ، لاَ يَعْرِفُهُ إلاَّ مَنْ سَأَلَ عَنْهُ، وَلَيْسَ فَرْضًا فَيَعْلَمُهُ النَّاسُ، وَلاَ بُدَّ، فَكَيْفَ وَقَدْ عَرَفَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا، وَلَمْ يُنْكِرْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِ الْقُنُوتِ مَا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَلْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا، دَعَا عَلَى نَاسٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قال علي: هذا حُجَّةٌ فِي إثْبَاتِ الْقُنُوتِ، لاَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْهُ، فَهَذَا حُجَّةٌ فِي بُطْلاَنِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ جَهِلَ الْقُنُوتَ، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ إنَّمَا أَنْكَرَ الْقُنُوتَ فِي الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَهُوَ مَوْضِعُ إنْكَارٍ، وَتَتَّفِقُ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ، فَهُوَ أَوْلَى، لِئَلاَّ يَجْعَلَ كَلاَمَهُ خِلاَفًا لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ إخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ الأَمْرَ لَهُ، لاَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ أُولَئِكَ الْمَلْعُونِينَ لَعَلَّهُ تَعَالَى يَتُوبُ عَلَيْهِمْ، أَوْ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ: أَنَّهُمْ سَيُؤْمِنُونَ فَقَطْ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ الْقُنُوتَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالِ الْمُحَارَبَةِ: وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُجَالِدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ قَالاَ " مَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ، إلاَّ إذَا حَارَبَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ، وَلاَ قَنَتَ أَبُو بَكْرٍ، وَلاَ عُمَرُ، وَلاَ عُثْمَانُ، حَتَّى مَاتُوا، وَلاَ قَنَتَ عَلِيٌّ حَتَّى حَارَبَ أَهْلَ الشَّامِ، فَكَانَ يَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهِنَّ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقْنُتُ أَيْضًا، يَدْعُو كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ " قال علي: هذا لاَ حُجَّةَ فِيهِ؛ لاَِنَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ وَفِيهِ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ: أَنَّهُمْ لَمْ يَقْنُتُوا وَقَدْ صَحَّ عَنْهُمْ بِأَثْبَتَ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْنُتُونَ وَالْمُثْبِتُ الْعَالِمُ أَوْلَى مِنْ النَّافِي الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ أَوْ نَقُولُ: كِلاَهُمَا صَحِيحٌ، وَكِلاَهُمَا مُبَاحٌ وَفِيهِ لَوْ انْسَنَدَ إثْبَاتُ الْقُنُوتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَالِ الْمُحَارَبَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَعَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ فِي غَيْرِ حَالِ الْمُحَارَبَةِ، فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا لَوْ ثَبَتَ وَنَحْنُ غَانُونَ عَنْهُ بِالثَّابِتِ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ فَقَالُوا: لاَ يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، إلاَّ فِي الْوِتْرِ، فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِيهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ: السَّنَةَ كُلَّهَا، فَمَنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِيهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَأَمَّا مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُمَا قَالاَ: لاَ يَقْنُتُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ كُلِّهَا إلاَّ فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً وقال مالك: قَبْلَ الرُّكُوعِ وقال الشافعي: بَعْدَ الرُّكُوعِ وقال الشافعي: فَإِنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلاَّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ خَاصَّةً بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: فَمَا وَجَدْنَاهُ كَمَا هُوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَعْنِي النَّهْيَ عَنْ الْقُنُوتِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَاشَا الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يُقْنَتُ فِيهِ، وَعَلَى مَنْ تَرَكَهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْصِيصِهِ الصُّبْحَ خَاصَّةً بِالْقُنُوتِ، مَا وَجَدْنَاهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَكَذَلِكَ تَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ الْقُنُوتِ فِي الصُّبْحِ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم،، مَعَ تَشْنِيعِهِمْ عَلَى مَنْ خَالَفَ بَعْضَ الرِّوَايَةِ عَنْ صَاحِبٍ لِسُنَّةٍ صَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَرُوِيَ عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى: مَا كُنْت لاُِصَلِّيَ خَلْفَ مَنْ لاَ يَقْنُتُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَعَنْ اللَّيْثِ كَرَاهَةُ الْقُنُوتِ جُمْلَةً وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ وَعَنْ أَشْهَبَ: تَرْكُ الْقُنُوتِ جُمْلَةً قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا مَنْ رَأَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَثَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عن ابْنِ أَبْزَى قَالَ عَلِيٌّ: وَعُزْرَةُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَبِأَثَرٍ آخَرَ فِي الْوِتْرِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قِيلَ: إنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَمَا ذَكَرْنَا وَمَنْ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَأْتِ بِالْمُخْتَارِ، وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ؛ لاَِنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ: فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ: حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ قَالاَ: حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ السَّعْدِيُّ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ: فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إنَّكَ تَقْضِي، وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ. قَالَ عَلِيٌّ: الْقُنُوتُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَدُعَاءٌ، فَنَحْنُ نُحِبُّهُ. وَهَذَا الأَثَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الرَّأْيِ، قَالَ عَلِيٌّ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه الْقُنُوتُ بِغَيْرِ هَذَا وَالْمُسْنَدُ أَحَبُّ إلَيْنَا. فإن قيل: لاَ يَقُولُهُ عُمَرُ إلاَّ وَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا لَهُمْ: الْمَقْطُوعُ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مِنْ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ عليه السلام بِالظَّنِّ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَسُولُهُ عليه السلام فَإِنْ قُلْتُمْ: لَيْسَ ظَنًّا، فَأَدْخِلُوا فِي حَدِيثِكُمْ أَنَّهُ مُسْنَدٌ، فَقُولُوا: عَنْ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ فَعَلْتُمْ كَذَبْتُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ حَقَّقْتُمْ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَوْلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّنِّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: وَأَمَّا تَسْمِيَةُ مَنْ يُدْعَى لَهُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ كَمَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالاَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عن ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ، وَرِعْلاً، وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ، عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وبه إلى مُسْلِمٍ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الرَّازِيّ، حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ فِي صَلاَةٍ شَهْرًا، إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ: اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ الدُّعَاءَ بَعْدُ، فَقُلْت: أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَرَكَ الدُّعَاءَ فَقِيلَ: وَمَا تَرَاهُمْ قَدِمُوا قَالَ عَلِيٌّ: إنَّمَا تَرَكَ الدُّعَاءَ؛ لاَِنَّهُمْ قَدِمُوا قَالَ عَلِيٌّ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، فَرُوِيَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: احْمِلُوا حَوَائِجَكُمْ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ مَكَّةَ مَا مِنْ صَلاَةٍ أَدْعُو فِيهَا بِحَاجَتِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: اُدْعُ فِي الْفَرِيضَةِ بِمَا شِئْت وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ . وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَدَاوُد، وَغَيْرُهُمْ وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، وطَاوُوس، وَمُجَاهِدٍ: أَنْ لاَ يُدْعَى فِي الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِشَيْءٍ أَصْلاً وَعَنْ عَطَاءٍ: مَنْ دَعَا فِي صَلاَتِهِ لاِِنْسَانٍ سِمَاهُ بِاسْمِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ: لاَ يُدْعَى فِي الصَّلاَةِ إلاَّ بِمَا فِي الْقُرْآنِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ مَنْ سَمَّى فِي صَلاَتِهِ إنْسَانًا يَدْعُو لَهُ بِاسْمِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، ثُمَّ زَادَ غُلُوًّا فَقَالَ: مِنْ عَطَسَ فِي صَلاَتِهِ فَقَالَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " وَحَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَلاَ يُدْعَى فِي الصَّلاَةِ إلاَّ بِمَا يُشْبِهُ مَا فِي الْقُرْآنِ قال علي: وهذا خِلاَفٌ لِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ دَعَا لِقَوْمٍ سِمَاهُمْ وَعَلَى قَوْمٍ سِمَاهُمْ، وَمَا نَهَى قَطُّ عَنْ ذَلِكَ، وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ قَوْمٌ بِقَوْلِهِ عليه السلام إنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ قَالَ عَلِيٌّ: لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا، لاَِنَّ هَذَا النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ أَنْ يُكَلِّمَ الْمُصَلِّي أَحَدًا مِنْ النَّاس.ِ وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَإِنَّمَا هُوَ كَلاَمٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلاَّ فَالْقِرَاءَةُ كَلاَمُ النَّاسِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقْرَأَ الْمُصَلِّي الْقُرْآنَ سَاجِدًا، وَأَمَرَ بِالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ فَصَحَّ بُطْلاَنُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَثَبَتَ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ بِمَا فِي الْقُرْآنِ إذَا قَصَدَ بِهِ الْقِرَاءَةَ وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَلْيَدْعُ بِهِ.. وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ: ابْنَ مَسْعُودٍ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم. وَنَسْتَحِبُّ أَنْ يُشِيرَ الْمُصَلِّي إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ بِأُصْبُعِهِ، وَلاَ يُحَرِّكَهَا وَيَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيِّ قَالَ: رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلاَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَانِي وَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ إذَا جَلَسَ فِي الصَّلاَةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى.
وَنَسْتَحِبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ فِي التَّكْبِيرِ مَعَ ابْتِدَائِهِ لِلاِنْحِدَارِ لِلرُّكُوعِ، وَمَعَ ابْتِدَائِهِ لِلاِنْحِدَارِ لِلسُّجُودِ، وَمَعَ ابْتِدَائِهِ لِلرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ، وَمَعَ ابْتِدَائِهِ لِلْقِيَامِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَيَكُونَ ابْتِدَاؤُهُ لِقَوْلِ " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " مَعَ ابْتِدَائِهِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَلاَ يَحِلُّ لِلإِمَامِ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُطِيلَ التَّكْبِيرَ، بَلْ يُسْرِعَ فِيهِ، فَلاَ يَرْكَعُ، وَلاَ يَسْجُدُ، وَلاَ يَقُومُ، وَلاَ يَقْعُدُ إلاَّ وَقَدْ أَتَمَّ التَّكْبِيرَ. حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّي فَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، وَحِينَ يَرْكَعُ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ، وَإِذَا سَجَدَ بَعْدَمَا يَرْفَعُ مِنْ السُّجُودِ وَإِذَا جَلَسَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لاََقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَتْ هَذِهِ صَلاَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ: أَمَّا عَلِيٌّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فَمِنْ فِعْلِهِمَا وَعَنْ عِمْرَانَ مُسْنَدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حدثنا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عن ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ. وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَدَاوُد، وَأَصْحَابُهُمْ. وقال مالك بِذَلِكَ، إلاَّ فِي التَّكْبِيرِ لِلْقِيَامِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لاَ يَرَاهُ إلاَّ إذَا اسْتَوَى قَائِمًا وَهَذَا قَوْلٌ لاَ يُؤَيِّدُهُ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، وَلاَ قِيَاسٌ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ، وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ وَأَمَّا قَوْلُنَا بِإِيجَابِ تَعْجِيلِ التَّكْبِيرِ لِلإِمَامِ فَرْضًا: فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا فَأَوْجَبَ عليه السلام التَّكْبِيرَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فَرْضًا إثْرَ تَكْبِيرِ الإِمَامِ وَبَعْدَهُ، وَلاَ بُدَّ، فَإِذَا مَدَّ الإِمَامُ التَّكْبِيرَ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فَكَبَّرُوا مَعَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ تَكْبِيرِهِ، فَلَمْ يُكَبِّرُوا كَمَا أُمِرُوا، وَمَنْ لَمْ يُكَبِّرْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ، لاَِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ، فَقَدْ أَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ صَلاَتَهُمْ، وَأَعَانَ عَلَى الإِثْمِ وَالْعَدُوَّانِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. كُلُّ حَدَثٍ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ بِعَمْدٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَإِنَّهُ مَتَى وُجِدَ بِغَلَبَةٍ أَوْ بِإِكْرَاهٍ أَوْ بِنِسْيَانٍ فِي الصَّلاَةِ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرِ لِلإِحْرَامِ لَهَا إلَى أَنْ يَتِمَّ سَلاَمُهُ مِنْهَا: فَهُوَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاَةَ مَعًا، وَيَلْزَمُهُ ابْتِدَاؤُهَا، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ فِيهَا، سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا، فِي فَرْضٍ كَانَ أَوْ فِي تَطَوُّعٍ، إلاَّ أَنَّهُ لاَ تَلْزَمُهُ الإِعَادَةُ فِي التَّطَوُّعِ خَاصَّةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا: يَبْنِي بَعْدَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، إلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: لَوْ نَامَ فِي صَلاَتِهِ فَاحْتَلَمَ فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ وَيَبْتَدِئُ، وَلاَ يَبْنِي، وَلاَ نَدْرِي قَوْلَهُمْ فِيهِ إنْ كَانَ حُكْمُهُ التَّيَمُّمَ، فَإِنَّهُمْ إنْ كَانُوا رَاعُوا طُولَ الْعَمَلِ فِي الْغُسْلِ، فَلَيْسَ التَّيَمُّمُ كَذَلِكَ، لاَِنَّ حُكْمَ الْمُحْدِثِ، وَالْجُنُبِ فِيهِ سَوَاءٌ وَقَالُوا: إنْ أَحْدَثَ الإِمَامُ بِغَلَبَةٍ وَهُوَ سَاجِدٌ: فَإِنْ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ: بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَصَلاَةُ مَنْ وَرَاءَهُ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يُكَبِّرْ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ، وَلاَ صَلاَةُ مَنْ وَرَاءَهُ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ أَوْ اسْتَخْلَفُوا قَبْلَ خُرُوجِ الإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ: لَمْ تَبْطُلْ صَلاَةُ الإِمَامِ، وَلاَ صَلاَةُ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَيْهِمْ، وَلاَ اسْتَخْلَفُوا حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ: بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَصَلاَتُهُمْ وَالأَشْهَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: تَبْطُلُ صَلاَةُ الْمَأْمُومِينَ وَتَتِمُّ صَلاَةُ الإِمَامِ فَإِنْ خَرَجَ فَأَخَذَ الْمَاءَ مِنْ خَابِيَةٍ بِإِنَاءٍ فَتَوَضَّأَ: رَجَعَ وَبَنَى: فَإِنْ اسْتَقَى الْمَاءَ مِنْ بِئْرٍ: بَطَلَتْ صَلاَتُهُ فَإِنْ تَكَلَّمَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا: بَطَلَتْ صَلاَتُهُ قَالَ عَلِيٌّ: هَذِهِ أَقْوَالٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ وَالتَّحَكُّمِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِلاَ دَلِيلٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَأَكْثَرُهَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُمْ، وَإِنَّمَا كَلاَمُنَا فِي إبْطَالِ الْبِنَاءِ وَإِثْبَاتِهِ قَالَ عَلِيٌّ: احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْبِنَاءِ بِأَثَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمُطَّوِّعِيِّ عَنْ دَاوُد بْنِ رُشَيْدٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ أَوْ قَلَسَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلِيَبْنِ عَلَى مَا صَلَّى مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنْ قَاءَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ أَوْ رَعَفَ أَوْ قَلَسَ فَلْيَنْصَرِفْ وَيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ وَمِنْ طَرِيقِ الأَنْصَارِيِّ عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلاً. وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ وَكِلاَهُمَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ؛ لاَِنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ، لاَ سِيَّمَا فِيمَا رَوَى عَنْ الْحِجَازِيِّينَ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ وَأَثَرٌ سَاقِطٌ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ رِيَاحٍ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ سَاقِطٌ عن ابْنِ طَاوُوس عَنْ أَبِيهِ عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا رَعَفَ فِي الصَّلاَةِ تَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ تَنَاقَضُوا فَقَاسُوا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعَ الأَحْدَاثِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِيهِمَا. وَلَمْ يَقِيسُوا الاِحْتِلاَمَ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَمَا جَاءَ قَطُّ أَثَرٌ صَحِيحٌ، وَلاَ سَقِيمٌ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الأَحْدَاثِ، كَالْبَوْلِ وَالرَّجِيعِ وَالرِّيحِ وَالْمَذْيِ وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ مَا صَلَّى فَلاَ يَجُوزُ إبْطَالُهُ إلاَّ بِنَصٍّ قال علي: وهذا احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ، وَلَوْلاَ النَّصُّ الْوَارِدُ بِإِبْطَالِ مَا مَضَى مِنْهَا مَا أَبْطَلْنَاهُ وَلَكِنَّ الْبُرْهَانَ عَلَى بُطْلاَنِ مَا صَلَّى: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ، فَإِذْ صَحَّ أَنَّ الصَّلاَةَ مِمَّنْ أَحْدَثَ لاَ يَقْبَلُهَا اللَّهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَقَدْ صَحَّ بِلاَ خِلاَفٍ وَبِالنَّصِّ: أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ تُجْزِئُ إلاَّ مُتَّصِلَةً، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَجْزَائِهَا بِمَا لَيْسَ صَلاَةً: فَنَحْنُ نَسْأَلُ مَنْ يَرَى الْبِنَاءَ لِلْمُحْدِثِ فَنَقُولُ: أَخْبَرُونَا عَنْ الْمُحْدِثِ الَّذِي أَمَرْتُمُوهُ بِالْبِنَاءِ، مُذْ يُحْدِثُ فَيَخْرُجُ فَيَمْشِي فَيَأْخُذُ الْمَاءَ فَيَغْسِلُ حَدَثَهُ أَوْ يَسْتَنْجِي فَيَتَوَضَّأُ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الصَّلاَةِ، أَهُوَ عِنْدَكُمْ فِي صَلاَةٍ أَمْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ، وَلاَ سَبِيلَ لَهُمْ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَإِنْ قَالُوا: هُوَ فِي صَلاَةٍ أَكْذَبَهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ صَلاَةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَمِنْ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ أَنْ يُعْتَدَّ لَهُ بِصَلاَةٍ قَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَقْبَلُهَا.فَصَحَّ أَنَّ عَمَلَ صَلاَتِهِ الَّذِي كَانَ قَبْلُ قَدْ انْقَطَعَ، وَأَمَّا أَجْرُهُ فَبَاقٍ لَهُ بِلاَ شَكٍّ، إلاَّ أَنَّهُ الآنَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ بِلاَ شَكٍّ، إذْ هُوَ فِي حَالٍ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَهَا صَلاَةً وَإِنْ قَالُوا: بَلْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ قلنا: صَدَقْتُمْ، فَإِذْ هُوَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ مُتَّصِلَةً، لاَ يَحُولُ بَيْنَ أَجْزَائِهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ قَاصِدًا بِمَا لَيْسَ مِنْ الصَّلاَةِ وَبِوَقْتٍ هُوَ فِيهِ فِي صَلاَةٍ، وَهَذَا بُرْهَانٌ لاَ مُخَلِّصَ مِنْهُ وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَحْتَجَّ مِنْ الْحَدِيثِ بِأَقْوَى مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ لَذَكَرْنَا مَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلاَمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ الصَّلاَةَ فَإِنْ ذَكَرُوا مَنْ بَنَى مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حدثنا أَبِي، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ الْمِسْوَرِ بْنَ مَخْرَمَةَ كَانَ إذَا رَعَفَ فِي الصَّلاَةِ يُعِيدُهَا، وَلاَ يَعْتَدُّ بِمَا مَضَى وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ الصَّالِحُ فِي هَذَا: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ :، أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يُحْدِثُ فِي صَلاَتِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ: صَلِّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلاَتِك وَإِنْ تَكَلَّمْت. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: فِي الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالرِّيحِ: يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلاَةَ، وَفِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ: يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي عَلَى صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَعَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عن ابْنِ سِيرِينَ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلاَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، قَالَ: إنَّ صَلاَتَهُ لَمْ تَتِمَّ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلاَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ: أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلاَةَ؛ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَآخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ نَأْخُذُ.
فَإِنْ رَعَفَ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي صَلاَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسُدَّ أَنْفَهُ وَأَنْ يَدَعَ الدَّمَ يَقْطُرُ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، بِحَيْثُ لاَ يَمَسُّ لَهُ ثَوْبًا، وَلاَ شَيْئًا مِنْ ظَاهِرِ جَسَدِهِ، فَعَلَ وَتَمَادَى عَلَى صَلاَتِهِ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الرُّعَافَ لَيْسَ حَدَثًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ، فَإِذْ لَيْسَ حَدَثًا، وَلاَ مَسَّ لَهُ الدَّمُ ثَوْبًا، وَلاَ ظَاهِرَ جَسَدٍ فَلَمْ يَعْرِضْ فِي طَهَارَتِهِ، وَلاَ فِي صَلاَتِهِ شَيْءٌ فَإِنْ مَسَّ الدَّمُ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَأَمْكَنَهُ غَسْلُ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ الْقِبْلَةَ فَلْيَغْسِلْهُ وَهُوَ مُتَمَادِي فِي صَلاَتِهِ، وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، وَسَوَاءٌ مَشَى إلَى الْمَاءِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلاً بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ غَسْلَ النَّجَاسَةِ وَاجْتِنَابَ الْمُحَرَّمَاتِ فَرْضٌ بِلاَ خِلاَفٍ، فَهُوَ فِي مَشْيِهِ لِذَلِكَ وَفِي عَمَلِهِ لِذَلِكَ مُؤَدِّي فَرْضٍ، وَلاَ تَبْطُلُ الصَّلاَةُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ فِيهَا مَا أُمِرَ بِأَدَائِهِ، لاَِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ، بَلْ صَلَّى كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُحْسِنٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وقال مالك: إنْ أَصَابَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا: قَطَعَ صَلاَتَهُ وَابْتَدَأَ، وَإِنْ أَصَابَهُ بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا: فَلْيَخْرُجْ فَلْيَغْسِلْ الدَّمَ وَيَرْجِعْ فَيَبْنِي. قال علي: وهذا تَقْسِيمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، لاَ صَحِيحَةٌ، وَلاَ سَقِيمَةٌ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٌ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ مَعْنَى لِلاِشْتِغَالِ بِهِ. وَمَنْ زُوحِمَ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ أَوْ رَكْعَةٌ أَوْ رَكَعَاتٌ: وَقَفَ كَمَا هُوَ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فَاتَهُ فَعَلَ، ثُمَّ اتَّبَعَ الإِمَامَ حَيْثُ يُدْرِكُهُ وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ إلاَّ بَعْدَ سَلاَمِ الإِمَامِ بِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ أَوْ طَوِيلَةٍ فَعَلَ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَلَوْ أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً صَلاَّهَا وَأَضَافَهَا إلَى مَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ أَتَمَّ صَلاَتَهُ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْغَافِلُ سَهْوًا وَالْمَزْحُومُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ أَحَدٍ مِمَّنْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلِهِ، فَلْيَفْعَلْ وَيُجْزِئُهُ بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا آدَم، حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِلاَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عن ابْنِ عَجْلاَنَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عن ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُبَادِرُونِي بِرُكُوعٍ، وَلاَ بِسُجُودٍ فَإِنَّهُ مَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْتُ، إنِّي قَدْ بَدَّنْتُ فَأَمَرَ عليه السلام بِصَلاَةِ مَا أَدْرَكَ الْمَرْءُ، وَأَنْ لاَ يَسْبِقَ الإِمَامَ بِرُكُوعٍ، وَلاَ بِسُجُودٍ، وَأَنَّهُ مَهْمَا فَاتَ الْمَأْمُومَ مِنْ رُكُوعٍ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِ الإِمَامِ، وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام رَكْعَةً أُولَى مِنْ ثَانِيَةٍ، وَلاَ ثَالِثَةٍ، وَلاَ رَابِعَةٍ، وَأَمَرَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ وَقَدْ أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّهُ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِهِ الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَهَذَا يُوجِبُ يَقِينَ مَا قلنا: مِنْ أَنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ بِصَلاَتِهِ حَسَبَ مَا يَسْتَطِيعُ وَمَا عَدَا هَذَا فَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ. وَمَنْ لَمْ يَمَسَّ بِالْمَاءِ فِي وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ وَلَوْ مِقْدَارَ شَعْرَةٍ مِمَّا أُمِرَ بِغَسْلِهِ فِي الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَهَذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ بَعْدُ، إذْ لَمْ يُكْمِلْ طَهَارَتَهُ كَمَا أُمِرَ. وَمَنْ أَحَالَ الْقُرْآنَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ، وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ وَمَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ: جَازَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا فِي صَلاَتِهِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا، وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ: فَلاَ صَلاَةَ لَهُ. وقال أبو حنيفة: مَنْ قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ فِي صَلاَتِهِ: جَازَتْ صَلاَتُهُ قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: فَصَحَّ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُرْسِلْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا عليه السلام، وَلاَ أَنْزَلَ بِهِ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَمْ يَقْرَأْ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ عليه السلام، وَلاَ قَرَأَ الْقُرْآنَ، بَلْ لَعِبَ بِصَلاَتِهِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ، إذْ لَمْ يُصَلِّ كَمَا أُمِرَ فَإِنْ ذَكَرُوا: قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: قلنا: نَعَمْ، ذِكْرُ الْقُرْآنِ وَالإِنْذَارُ بِهِ فِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَاطِلٌ وَكَذِبٌ مِمَّنْ ادَّعَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ هَذَا مَا كَانَ فَضِيلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ مُعْجِزَةً لَهُ وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ هَذَا قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ أُمَّ الْقُرْآنِ صَلَّى كَمَا هُوَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
|